لا تقتصر مهمة القانون على توفير الحماية للحقوق الفردية والخاصة وإنما تمتد لتوفير الحماية للمصالح العامة، وهى المصالح التي تهم المجتمع بأسره بكل طوائفه وفئاته. ولكن يثور التساؤل عن صاحب الصفة في الدفاع عن المصالح العامة، ولا يمكن القول بأن الدولة بكل أجهزتها هى المسؤولة عن رعاية المصالح العامة؛ لأنه يتعيَّن وجود جهاز مُعيَّن تكون مهمته الدفاع عن هذه المصالح عند الاعتداء عليها تكون له الصفة عن رفع الدعوى أمام القضاء للمطالبة بتحقيق حماية القانون.
ويترتب على ذلك التساؤل الآتي: هل يمكن لأي فرد في المجتمع بوصفه أحد أعضائه أن يرفع الدعوى عن المصلحة العامة أم لا؟
يمكن الإجابة عن ذلك بالقول بأنه إذا كانت بعض النظم القانونية قد أجازت قبول دعاوى الكافة بغض النظر عما أصاب رافع الدعوى من ضرر كالدعاوى الشعبية في القانون الروماني ودعاوى الحسبة في الشريعة الإسلامية، إلا أن غالبية التشريعات الحديثة تسند القيام بهذه المهمة إلى النيابة العامة بوصفها هيئة عامة تسعى لحماية المجتمع والذود عن مصالحه.
ولهذا خصصت أغلب التشريعات الحديثة إحدى أجهزتها العامة وهو النيابة العامة لتمنحه الصفة في الدفاع عن المصالح العامة، ويكون له سلطة تحريك الدعوى؛ أي حق الدعوى ومباشرتها أمام القضاء للدفاع عن المصالح العامة.
ومن هنا حرص المُشرِّع الصيني في قانون الاجراءات المدنية الصادر عام 1991 والمُعدَّل في 27 يونيو 2017 على التأكيد على استخدام دعاوى المصلحة العامة في قضايا البيئة، وهو ما أكده المُشرِّع عندما عُدِّل الدستور في مارس 2018؛ حين أكد على حماية البيئة والحضارة الإيكولوجية في الفقرة 7 من ديباجة الدستور.
ولهذا يسعى هذا المقال الى بيان أهمية دعاوى المصلحة العامة في الحفاظ على البيئة، وايضاح دور النيابة العامة في التصدي لهذه الدعاوى والاستفادة منها في تطبيق سياسة المُشرِّع بعد تأكيده لضرورة حماية البيئة والحضارة الإيكولوجية عند تعديل الدستور عام 2018، مع الإشارة لأهم المحاولات التشريعية لتطبيق دعاوى المصلحة العامة قبل إقرارها في تعديل قانوني الإجراءات المدنية والإدارية عام 2017، ودراسة تعديلات قانون البيئة الصادرة عام 2014.